أسباب عمى الألوان وعلاجه

ما الذي يسبب عمى الألوان؟

يُعدُّ عمى الألوان حالة تصيب العين والدماغ وتؤثر على قدرة الشخص على التمييز بين بعض الألوان. تختلف درجات عمى الألوان بين الأفراد، فقد يعاني البعض من عدم القدرة على تمييز اللون الأحمر عن الأخضر، بينما يعاني آخرون من صعوبة في تمييز الأزرق عن الأصفر، وهناك حالات تكون فيها القدرة على تمييز الألوان بشكل عام ضعيفة للغاية.

تعود أسباب هذه الحالة إلى عوامل متعددة، تتراوح بين الوراثة والاضطرابات الصحية التي تصيب العين أو الدماغ. في هذا المقال، سنغطي الأسباب الرئيسية لعمى الألوان بالتفصيل، ونستعرض كيف تؤثر هذه الأسباب على العين والأعصاب والدماغ.

1. الأسباب الوراثية لعمى الألوان

السبب الأكثر شيوعًا لعمى الألوان هو العوامل الوراثية، حيث تلعب الجينات دورًا كبيرًا في تحديد قدرة الشخص على التمييز بين الألوان.

الجينات الموروثة

يقترن عمى الألوان عادة بالجينات الموجودة على الكروموسوم X، وهو الكروموسوم الجنسي الذي يتحمل معلومات وراثية مهمة. بما أن الرجال يمتلكون كروموسومين X و Y، بينما تمتلك النساء كروموسومين X فقط، فإن هذا يجعل الرجال أكثر عرضة للإصابة بعمى الألوان مقارنة بالنساء. عادةً ما يكون الرجال أكثر عرضة للإصابة بنوع من عمى الألوان يسمى “عمى الألوان الأحمر-الأخضر”، الذي يصيب حوالي 8% من الرجال و0.5% من النساء في جميع أنحاء العالم.

تُنتقل هذه الحالة من الأم إلى الأبناء، حيث تحمل الأم الجين المسؤول عن هذه الحالة على كروموسوميها X، وقد ينقله أحد الكروموسومات إلى الابن، مما يسبب إصابته بعمى الألوان. أما النساء، ففي حال كانت الأم هي حاملة الجين المسؤول عن عمى الألوان، فيجب أن تكون الأب أيضًا حاملًا لهذا الجين أو مصابًا به لتتعرض الفتاة للإصابة بعمى الألوان.

نوع عمى الألوان الوراثي

يتم تقسيم عمى الألوان الوراثي إلى عدة أنواع بناءً على الألوان التي يصعب تمييزها. يمكن أن يكون الشخص المصاب غير قادر على التمييز بين اللونين الأحمر والأخضر أو بين الأزرق والأصفر أو أن يكون لديه شكل أكثر شدة من عمى الألوان يشمل فقدان التمييز بين جميع الألوان. هذه الأنواع تتفاوت حسب وجود أو غياب بعض المستقبلات الحساسة للألوان في شبكية العين.

2. الأسباب البيئية والصحية لعمى الألوان

بالإضافة إلى الأسباب الوراثية، هناك العديد من العوامل البيئية والصحية التي يمكن أن تسبب عمى الألوان أو تساهم في تفاقمه.

أمراض العين والشبكية

العيون تلعب دورًا حاسمًا في عملية الرؤية وتمييز الألوان. أي مرض يصيب العين أو الشبكية يمكن أن يؤدي إلى فقدان القدرة على التمييز بين الألوان. من بين هذه الأمراض:

• التنكس البقعي: وهو مرض يصيب مركز الرؤية في الشبكية (البقعة المركزية) ويتسبب في تدهور الرؤية المركزية، مما يؤدي إلى صعوبة في تمييز الألوان.

• إعتام عدسة العين: يؤدي إعتام عدسة العين إلى فقدان شدة الإضاءة في العين، مما يؤثر على قدرة الشخص على رؤية الألوان بشكل دقيق.

• الزرق (الجلوكوما): مرض الزرق يمكن أن يؤدي إلى تلف الأعصاب البصرية التي تُرسل المعلومات إلى الدماغ، وقد يسبب فقدانًا جزئيًا أو كليًا في التمييز بين الألوان.

• التهاب الشبكية الصباغي: هو اضطراب وراثي يصيب الشبكية ويؤثر على الخلايا الحساسة للضوء، مما قد يؤدي إلى عمى الألوان.

الأمراض العصبية

عند حدوث مشاكل في الدماغ أو الأعصاب التي تتعامل مع المعلومات البصرية، فإنها يمكن أن تؤدي إلى عمى الألوان. بعض الاضطرابات العصبية المعروفة التي يمكن أن تؤدي إلى هذه الحالة تشمل:

• السكتات الدماغية: عندما يحدث تلف في المناطق المسؤولة عن معالجة الإشارات البصرية في الدماغ، قد يواجه الشخص صعوبة في التمييز بين الألوان.

• إصابات الدماغ الرضية: إذا تعرض الشخص لإصابة في الدماغ، فقد يحدث تلف في مناطق الدماغ المسؤولة عن معالجة الألوان.

• التصلب المتعدد (MS): يمكن لهذا المرض أن يسبب تلفًا في الأعصاب التي تنقل المعلومات البصرية من العين إلى الدماغ.

الأدوية والتسمم

بعض الأدوية، خاصة الأدوية التي تعالج اضطرابات العين أو الأمراض العصبية، قد تسبب تغيرات في قدرة الشخص على رؤية الألوان. كما أن التسمم بالمواد الكيميائية قد يؤدي أيضًا إلى اختلالات في الرؤية. على سبيل المثال، يمكن أن تسبب أدوية مثل الأدوية الخاصة بعلاج المشاكل النفسية أو الأدوية التي تؤثر على الأوعية الدموية في الشبكية تغييرات في قدرة الشخص على التمييز بين الألوان.

3. الفحص والتشخيص

يمكن تشخيص عمى الألوان باستخدام عدة اختبارات. من أشهر هذه الاختبارات:

• اختبار إيشاهارا: وهو عبارة عن سلسلة من البطاقات التي تحتوي على أرقام مكتوبة باستخدام ألوان مختلطة. يطلب من الشخص تحديد الأرقام الموجودة على البطاقات.

• اختبار فحص الألوان: يشمل اختبارًا يطلب من المريض تحديد الألوان في طيف معين.

• اختبار جينيتك: في بعض الحالات، يمكن للأطباء استخدام اختبارات جينية لتحديد ما إذا كان عمى الألوان هو نتيجة لعوامل وراثية.

4. علاج عمى الألوان

في معظم الحالات، لا يمكن علاج عمى الألوان بشكل كامل، خاصة إذا كان ناتجًا عن عوامل وراثية. ولكن هناك بعض الخيارات التي يمكن أن تساعد في التكيف مع هذه الحالة:

• استخدام العدسات الملونة: يمكن للعدسات الخاصة الملونة أن تساعد في تحسين التمييز بين بعض الألوان. هذه العدسات تعمل على تصفية بعض الأطوال الموجية من الضوء، مما يمكن أن يساعد الأشخاص المصابين بعمى الألوان على التمييز بشكل أفضل.

• استخدام التطبيقات التكنولوجية: هناك العديد من التطبيقات المتوفرة على الهواتف الذكية التي تساعد الأشخاص المصابين بعمى الألوان على التمييز بين الألوان باستخدام كاميرا الهاتف.

• التعليم والتدريب: يمكن أن يساعد التدريب على التكيف مع عمى الألوان في تحسين الحياة اليومية للأشخاص المصابين بهذه الحالة.

5. الآثار النفسية والاجتماعية لعمى الألوان

على الرغم من أن عمى الألوان ليس عادةً حالة تهدد الحياة، فإنه قد يكون له تأثيرات نفسية واجتماعية كبيرة على المصابين. الأشخاص المصابون بعمى الألوان قد يواجهون صعوبة في بعض المواقف اليومية مثل:

• اختيار الملابس: قد يواجه الأشخاص المصابون بعمى الألوان صعوبة في تنسيق الملابس بشكل مناسب.

• القيادة: في بعض الحالات، قد يواجه الأفراد المصابون بعمى الألوان صعوبة في التعرف على إشارات المرور، وخاصة إشارات الضوء الأحمر والأخضر.

• الأداء الوظيفي: قد تؤثر هذه الحالة على أداء بعض الأشخاص في وظائف تتطلب التمييز الدقيق بين الألوان، مثل العمل في مجالات التصميم أو الفن أو الطب.

6. الخاتمة

عمى الألوان هو حالة بصرية تؤثر على قدرة الشخص على التمييز بين بعض الألوان، ويعود السبب في ذلك إلى عوامل وراثية أو بيئية أو صحية. على الرغم من أنه لا يمكن علاج معظم أنواع عمى الألوان بشكل نهائي، إلا أن هناك طرقًا للتكيف مع هذه الحالة وتحسين الحياة اليومية للأشخاص المصابين.